في فم الجنـون .. عندما يتجاوز السرد سلطة الكاتب نفسه
▪️الرائعة “In the Mouth of Madness” هو فيلم دراما و إثارة نفسي .. رعب و غمـوض .. من إخراج “جـون كاربنتر” عام 1995 و بطولة “سام نيل” و “جولي كارمن” .. الفيـلم هو الجزء الختـامي مما سماه المخرج “بثلاثية الرؤيا النبـوئية” بعد الرائعتين “The Thing” عام 1982 و فيلم “Prince des ténèbres” عام 1987 .. يبـني أحداثه من عوالم المؤلفين المشهـورين في مجال الرعـب ك “ستيفن كيـنغ” و “هوارد فيليبس لافكرافت” دون أن يقتبس من أي أعمـالهما و عنوان الفيلم مأخوذ عن إسم إحدى أشهر قصص “لافكرافت” التي تحمل إسم “عند جبال الجنون” حيث نرى الجنون يلعب دورا عظيما للغاية في الفيلم كما هي روايات “لافكرافت” .. و نرى مرور تدريجي بأفكاره الخيالية العميقة نحو عالم الكوابيس من الكيانات القديمة و المنسية التي تنتظر وقتها لتدمير البشـرية ، بالرغم من عدم إقتباسه حرفيا من قصص الكاتب ، إلا أن “كاربنتر” أدمج أسلوب هذا الروائي الشهير في السينما بشكل أو بآخر.
🔸 يسرد الفيلم قصته عن محقق خاص خبيـر في القضايا الغامضة يدعى “جـون تورنت” يتم إستدعائه من صاحب دار نشر ليحقق في قضية إختفاء كاتب قصص الرعب الشهير الظـاهرة “سـاتر كين” قبل أن يكمل روايته الأخيرة .. مع بداية المحقق بتقفي أثره لمعرفة أين و كيف إختفى عن طريق تجميع أغلفة رواياته يكتشف فجأة مدينة غامضة لا ترسمها الخرائط تدعى “هوبز إند” في ولاية (نيو إنغلاند) النائية ، هذه المدينة التي إعتقد في البداية أنها مجرد مكان خيـالي في روايات “سـاتر” إلا أنه سرعان ما يكتشف أن الجدار الذي يفصله بين الواقع و الخيال قد تلاشى و غلفه الضباب عندما يواجه الكثيـر من الحوادث الغريبة و الخارقة التي قد تغير حياته للأبد.
▪️يلقي الفيلم نظرة بطريقة ساخرة عن العلاقة بين الكاتب والقراء عامة .. لكن بشكل صادم و عميق ما أن تدرك ذلك من خلال حكايته و شخصياته .. المخرج ملأ الزوايا الفـارغة و تفنن بصباغتها بكائنات و أماكن أسطـورية و مشاهد عنف و مواقف مرعبة تجاه فكرته التي يمكن لها أن تنشئ و تحدث تأثيرات سيكولوجية قد تسبب للمشاهد فقدان الاتصال مع واقعه .. حضور الروائي الشهير “لافكرافت” ظاهر بداية مع الإفتتـاحية التي توضح حبس البطل في مصحة عقلية مع عرض سريع و كثيف لأحداث القصة بطريقة الفلاش باك ، هي تقنية و طريقة شائعة و معتادة لدى الروائي .. و الإشارة السريعة للكائنات القديمة “Old Ones” التي تشير إلى الجان ، كذلك بعض شخصيات “لافكرافت” في الرواية مثل “السيدة بيـكمان” .. هناك تعاون مبـاشر على الشـاشة بين القصتين بشكل خفـي ، مثل كتابات “ساتر كين” و لمسات الروائي الشهير “لافكرافت”.