العشيق المزدوج .. حكاية إيروتيكية نفسية ، جريئة و معقدة
فيلم “L’amant Double” أو بالإنجليزية “Double Lover” .. دراما ، رومانسية ، غموض و إثـارة من إخراج “فرانسوا أوزون” سنة 2017 و بطولة “ماريـن فاكت” و “جيريمي رينييه” ..
أحداث الفيلم مقتبسة من رواية “حيـاة التوائم” المعـروفة بإسم “المشـاعر الطيبة” للأمريكية “جويس كارول أوتس” التي نُشرت عام 1987 تحت إسم مستعـار لها “روزامـوند سمـيث” .. “فرانسوا أوزون” المخرج الطموح غريـب الأطوار معروف بإهتمامات الإشتغال على الحيـاة الداخلية و سيكولوجيا شخصياته ..
و يصور طبيعة هويتها الممـزقة و اللقطات بجمالياتها ما يجعلها تعلق في ذهن المشاهد بمحتويات لامـعة داخل السيـاق العام لقصته و يتعامل معها كسلسلة من الأحداث السريـالية يصعب التنبؤ بها .. في فيـلمه هذا يأخذ بعده التحليـلي النفسي إلى مستوى من الإزدواجـية ، لكنه ليس المخـرج الأول الذي يتعـامل مع هذه الرؤية .
▪️في الفيلم هناك إشارات واضحة كمشهد البداية الصادم للإسباني “لويس بانويل” في فيلمه السريالي القصير “Un chien andalou” سنة 1929 ، جزئيا هو دراسة عن الهـوس الجنسي و الغموض كفكر “نيل جوردان” في فيلمه “In Dreams” سنة 1999 .. أو جـزء من “هيتشـكوك” حيث السلالم الحـلزونية في “Vertigo” سنة 1958 ، أو أنها صفـات مركزة لأفكـار جنسـية متطرفة من “Gaspar Noe” أو “Lars von Trier” ، أو حتى غموض الفيلم السيكولوجي المثير “Basic Instinct” سنة 1992.
و حتى لا ننسى لمسات الأمريكي “براين دي بـالما” خاصة في تقسيمه للشـاشة إلى نصفين مثلما فعل
في “Body Double” سنة 1984 و الأكثر وضوحا في”Dressed to Kill” سنة 1980 إضـافة إلى علاقـة التوأم في فيلم “Sisters” عام 1973 .. أو كمقـارنة صريحة مع “ديفيد كرونيـنبرج” في فيلمه السريـالي و المخيف “Dead Ringers” سنة 1988 .. كلها تقنيـات جمـالية أحسن إستخدامها “أوزون” كإشـارات سريعة منفردة بصـريا لكنها لم تكن جوهـرية في سياق فيلمه ، فقط جائت كإضافة نوعية إلى مجموعته السينمائية المتطورة التي جعلته من الأسماء البـارزة في سماء السينما الفرنسية.
🔸 تحكي قصة الفيلم عن فتاة شابة تدعى “كلوي” البالغة من العمر 25 عاما ، عارضة أزياء سابقة .. قلقة و مكتئبة ، تعيـش بمفردها مع قطتها “ميـلو” و دائما ما تعاني من آلام مستمرة و غريـبة في المعدة لم يتمكن الأطبـاء من تفسيرها .. تعلم أن مشكلتها قد تصبح نفسيـة.
فتقرر زيارة طبيب نفسي يدعى “بـول مـاير” ، تتوالى الجلسات التي تحـكي فيها عن نفسها و مخـاوفها و عن والدتها .. لكنهم يتجـاهلون بعض الأخـلاقيات الطبية ، و تقع “كلوي” في حب طبـيبها النفسي .. في البداية يبـدو كل شيء على ما يرام مع “كلـوي” .. آلامها خفت و صحتها العقليـة مستقرة كما حصلت على وظيـفة جديدة .. ينتقلان بعد عدة أشهر للعيـش معا في شقة جديدة.
لكن و مع مرور الوقت تكشف فجأة أن حبـيبها يخفي جزءا من هويته و يطمس شخصيتها لتدخل في دوامة تجعل منها الضحية و العشـيقة المزدوجـة لحبيبها و أخوه التوأم المحلل النفسي “لويـس ديلورد”.
الفيلم جريـئ محير و مقلق في الكثير من الأحيان ، أو من الآخر هذا العمل ليس للجميع ، موضوع الإزدواج يظهر أساسا في الحضور الكثيف للمرايا و طريقة تصوير الشخصيات من خلال تلك المرايا ، و ذلك الإزدواج كلما تخلل حياة “كلـوي” الداخلية يفصل حياتها إلى ما هو واقعي و متخيل دون أن يقدم الفيلم ما يثبت أي من العالمين .. هذا الإزدواج بينهما هو الشكل الذي أظهر به الفيلم مشـاكلها النفسية ما جعل “العشيـق المزدوج” حكاية مثيرة و صعبة بصيـاغة “أوزون” الدقيـقة حول بطلته و لعبها للواجب المزدوج رفقة التوأم .. بجانب حبيبها الحنون ليست كما هي مع عشيـقها العنيف .. هذا الإضطراب النفسي يجعلها تبني بيتا من البطاقات لكنها مهددة بالسقوط في أي لحظة .. لقد كشفت كل شيء ، لكن ما زال هناك لغز مستمع صـامت يعرف كل شيء عن طبيعتها القاتلة .