قتل الغزال المقدس .. الشلل ثم فقدان الشهية ، نزيف العين .. و أخيرا الموت .. فلسفة “لانثيموس” المتطرفة لمفهوم العدالة

الرائـعة السينمـائية “The Killing of a Sacred Deer” ، فيلم دراما ، رعب نفسي و غموض من إخراج “يورغوس لانثيموس” سنة 2017 و بطولة “كولين فاريل” ، “نيكول كيدمان” ، “باري كيوغان” ، قصة الفيلم مأخودة من مسرحية يونانية قديمة “إيڤيجينيا” للكاتب المسرحي “يوربيديس” و المقتبسة من ميثولوجيا يونانية معروفة ، يُظهر الفيلم على أن المخرج اليوناني موهبة فريدة لا يمكن تجاهلها كما أنه يحب صناعة الأفلام بطريقة تجعلك منزعجا أثناء المشاهدة لكنك في الوقت ذاته تظل قادرا على الإستمتـاع عندما تشغل ذهنك بتفسير معاني الأشياء و فك رمزياتها المبطنة .. هي خلفية مشتركة تسيطر على باقي أعماله .. كفيلم “Dogtooth” الغريب سنة 2009 و رائعته الديستوبية “The Lobster” سنة 2015.

🔸 يحكي الفيلم قصة “ستيفن مورفي” ، طبيب ماهر و إختصاصي في جراحة القلب يعيش حياة مثالية مع زوجته “آنـا” طبيبة العيون و أطفالهما “بوب” و “كيم” ، لكن هذه الحياة الهادئة ستتغير تدريجيا بعد ظهور طفل مراهق يدعى”مـارتن” هو إبن أحد المرضى السابقين لدى “ستيفن” و الذي توفي على طاولة العمليات تحت يديه ، يسمح الطبيب للمراهق بالتقرب منه و من عائلته تعاطفا معه بعد حفنة من الأحداث و الشعـور بالذنب و محاولته التعويض على مقتل والده ..
إلا أن “مارتن” يفجر مفاجئة صـادمة عندما يعلن للطبيب عن شرطه الوحيد للتكفير عن ذنبه و إنقاد عائلته.

▪️يقدم “لانثيموس” تجربة جديدة مغايرة و جرعة أخرى من رعب نفسي لكنها أكثر قسـاوة .. يقوم بمعالجتها بطريقة معاصرة تتماشى مع الواقع عندما يستنبط فكرته من الأسطـورة اليونـانية “إيفيجينيا في أوليس” ، التي يضطر فيها ملك الإغريـق عندها بالتضحية بإبنته الجميلة لإرضاء الإلهة “أرتيميس” المقدسة و ذلك بعدما تسبب بقتل غـزالة كانت ترعى في الغـابة .. بالرغم من إختلاف نهـاية الفيلم عن الأسطورة ، إلا أن المخرج عرض فلسفته المتطرفة لمفهوم العـدالة و معنى القصـاص .. فالخطأ الذي إقترفه الطبيب من الصعب إثباته مع ذلك هو يعيه جيدا و يؤرق ضميره .. بهذه الطريقة سيزعجك الفيلم نفسيا لكنه سيرغمك على إستكمال و متابعة المأسـاة بحذر شديد .. حتى لو إنتهيت منه أنت ستتفاجأ بأنه لم ينته منك و سيظل ملازما عقلك بعشرات الأسئلة المحيرة باحثا عن تفسيرات و تأويلات كعادة أفلام “لانثيموس” و أفكاره الغريبة و الواقعية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *